كشفت وزارة تنمية المجتمع تفاصيل "سياسة حماية أصحاب الهمم من الإساءة" التي اعتمدها مجلس الوزراء أواخر ديسمبر الماضي، وفق 3 محاور: الوقاية من الإساءة، الكشف المبكر عن الإساءة، التدخل والتأهيل، تتفرع منها نحو 20 مبادرة، تتشارك في تنفيذها الوزارات والهيئات الحكومية الاتحادية والمحلية والمجالس الرياضية والجمعيات ذات النفع والمؤسسات والمراكز ذات الصلة بأصحاب الهمم، فيما بيّنت السياسة أشكال الإساءة التي قد يتم ارتكاب أحدها أو جميعها بشكل متعمد أو نتيجة للإهمال أو الجهل وقلة البصيرة.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عقدته الوزارة بديوانها في دبي، للتعريف بالسياسة الجديدة، وذلك بحضور ومشاركة سعادة ناصر إسماعيل وكيل وزارة تنمية المجتمع المساعد لشؤون الرعاية الاجتماعية، ووفاء حمد بن سليمان مدير إدارة رعاية وتأهيل أصحاب الهمم بالوزارة، والعميد ناصر خادم الكعبي مدير عام السعادة في وزارة الداخلية، والرائد الدكتور سعيد سالم الشامسي مدير إدارة السياسات بوزارة الداخلية.
واستهل سعادة ناصر إسماعيل حديثه خلال المؤتمر الصحفي بوصف سياسة حماية أصحاب الهمم من الإساءة، أنها إنجاز تنموي مجتمعي يُضاف إلى رصيد وزارة تنمية المجتمع العملي من أجل الإنسان، مؤكداً أنه خلال الشهرين الأخيرين من العام الماضي 2019؛ أنجزت وزارة تنمية المجتمع سياستين جديدتين حيويتين، تمسّان حياة جميع أفراد وفئات المجتمع، "سياسة حماية الأسرة" و"سياسة حماية أصحاب الهمم من الإساءة" التي تهدف إلى تمكين أصحاب الهمم وحمايتهم في المجتمع، وتحقيق المشاركة الفاعلة لهم ومنحهم الفرص في مجتمع آمن، يضمن الحياة الكريمة لهم.
وأكد سعادته أن الاهتمام بالأسرة والمجتمع مستمد من حرص قيادتنا، ومنح الأولوية لاستقرار الأسرة وتماسكها، وتأكيد حقوق جميع أفرادها، لا سيما المرأة وكبار المواطنين وأصحاب الهمم على وجه الخصوص، مشيراً إلى أن اعتماد مجلس الوزراء "سياسة حماية أصحاب الهمم من الإساءة"، جاء بهدف تمكين أصحاب الهمم وحمايتهم في المجتمع، وتحقيق المشاركة الفاعلة لهم ومنحهم الفرص في مجتمع آمن، يضمن لهم الحياة الكريمة.
وأضاف سعادته: قبل إعداد هذه السياسة تم الاطلاع على حوكمة نظام الحماية من الإساءة المقــدمــة لــهذه الفئة في أستراليا وإيرلندا والولايات المتحدة الأمريكية، فيما ارتكزت السياسة الجديدة على معطيات ومنجزات تشريعية في دولة الإمارات، أبرزها: التوقيع والمصادقة على اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص "أصحاب الهمم" منذ 2008، والقانون الاتحادي رقم 29 لسنة 2006 في شأن حقوق "أصحاب الهمم"، والقانون الاتحادي رقم 3 لسنة 2016 بشأن قانون حقوق الطفل "وديمة"، وسياسة تمكين أصحاب الهمم 2017.
وتابع: في دولة الإمارات هناك نحو 24 ألف شخص من أصحاب الهمم، حسب قاعدة بيانات بطاقة أصحاب الهمم التي تصدرها الوزارة، ما يقارب 60% منهم مواطنون، ويبلغ عدد الـمراكـز الحكـومية الاتحادية والمحلية والخاصة لرعــاية وتـأهيل أصحــاب الــهمم، نحو 95 مركزاً على مستوى الدولة، عدد العاملين فيها نحو 2400 شخصاً.
وقال سعادة ناصر إسماعيل: تقوم سياسة حماية أصحاب الهمم من الإساءة على 3 محاور: الوقاية من الإساءة، والكشف المبكر عن الإساءة، والتدخل والتأهيل. وفي كل محور هناك مجموعة أهداف، ومبادرات، ومؤشرات أداء، وجهات معنية، وآليات للتنسيق، مشيراً إلى أن هدف السياسة هو الوقاية والحماية وتمكين أصحاب الهمم وأولياء أمورهم والعاملين معهم من التعامل مع حالات الإساءة، وتحقيق مزيد من الاستقرار والتماسك الأسري والتلاحم المجتمعي.
بدورها؛ قدّمت وفاء حمد بن سليمان، تعريفاً للإساءة ضمن سياسة حماية أصحاب الهمم من الإساءة، بأنها: "أي تصرف، أو فعل أو فشل في رد الفعل، يؤدي إلى خرق في حقوق الشخص الذي هو عرضه للإساءة، حريته، سلامته الجسدية والعقلية، كرامته أو مصلحته العامة، سواء بشكل مقصود أو عبر الاهمال، بما في ذلك العلاقات الجنسية أو المعاملات المالية التي لم يوافق أو لم يتمكن من الموافقة عليها، أو تم عبر الاستغلال المتعمد، ويندرج تحت ذلك عدم تلقي الرعاية أو برامجها المناسبة أو غير الكافية، وفد تتخذ الإساءة عدة أشكال"، مشيرة إلى 4 أشكال للإساءة حددتها السياسة وهي: الإساءة الجسدية، والجنسية، والانفعالية، والمادية أو المالية.
وقالت إن هذه الأشكال قد يتم ارتكاب أحدها أو جميعها بشكل متعمد أو نتيجة للإهمال أو الجهل وقلة البصيرة، وقد يتعرض الشخص لأكثر من شكل من أشكال الإساءة في وقت واحد، موضحة أن الإساءة الانفعالية تتضمن ما من شأنه إيذاء مشاعر الشخص وإحساسه بذاته، والتأثير في بنائه النفسي، ومن صورها (الرفض، العزلة، التجاهل، الاستغلال، الترهيب، الإساءة اللفظية والحرمان)، والإساءة المالية أو المادية تتضمن السرقة أو الاحتيال أو الاستغلال أو الإكراه فيما يتعلق بشؤون أو ترتيبات مالية لشخص من أصحاب الهمم.
وأشارت وفاء حمد بن سليمان إلى محور "الوقاية من الإساءة" الذي يتضمن 3 أهداف هي: الوصول إلى نظام تشريعي يحمي أصحاب الهمم من أشكال الإساءة في الامارات، وتوفير آليات واضحة لحماية الأشخاص أصحاب الهمم من الإساءة وتمكينهم من التغلب عليها، بآلية تنسيق تضمن إنشاء وحدات في الجهات ذات العلاقة، من أجل الإبلاغ عن حالات الإساءة التي قد يتعرض لها أصحاب الهمم، وأخيراً؛ الوصول إلى قاعدة معلومات تضم أصحاب الهمم المعرّضين للإساءة تبعاً لنوعها.
وقالت إن هذا المحور أفرز عدداً من المبادرات تحت مظلة السياسة الجديدة منها: تطوير وتطبيق التشريعات والسياسات ذات العلاقة بحقوق أصحاب الهمم وحمايتهم، وتوفير الخط الساخن، والتمكين الأسري والحماية من الإساءة، وتعزيز خدمات الوقاية، وتدريب وتمكين أصحاب الهمم، وتدريب مقدمي الرعاية والخدمات، وتدريب الجهات المعنية، ومجموعات المناصرة الذاتية، وتوفير قاعدة بيانات عن أصحاب الهمم المعنّفين والمعرضين للإساءة.
أما محور "الكشف المبكر عن الإساءة" فقد تضمن هدفين هما: الوصول إلى أدوات واضحة للإبلاغ والكشف عن أشكال الإساءة ليتمكن أصحاب الهمم وذووهم والعاملون معهم من استخدامها، وتوفير نظام رقابي على مقدمي الخدمات لضمان الكشف المبكر عن حالات الإساءة التي يتعرض لها أصحاب الهمم في مختلف المؤسسات والمرافق. أما مبادرات هذا المحور فتشمل: توفير آليات الإبلاغ عن الإساءة، وتوفير الحماية لأصحاب الهمم عند الكشف عن الإساءة، وآليات المتابعة والرقابة على مقدمي الخدمات لأصحاب الهمم، وحماية الفتيات والنساء أصحاب الهمم، وتدريب الكوادر العاملة مع أصحاب الهمم، والتنسيق مع الهيئات المحلية لتوفير مختلف الخدمات وتكاملها.
وأخيراً محور "التدخل والتأهيل" الذي جاء في سياق 3 أهداف: توفير برامج التأهيل لأصحاب الهمم المُساء لهم للتخفيف من آثار الإساءة قصيرة وبعيدة المدى، وتوحيد آليات التدخل والتأهيل من قبل مقدمي الخدمات في مختلف مؤسسات ومراكز التأهيل، وتوفير مصادر مجتمعية لدعم أصحاب الهمم الذين تعرضوا للإساءة في إطار تبادل الخبرات. وتضمن هذا المحور مجموعة مبادرات هي: تصميم خطط تأهيل المُساء لهم، حماية أصحاب الهمم المُساء لهم وإيقاف أشكال الإساءة، التنسيق مع الهيئات المحلية لتوفير مختلف الخدمات وتكاملها، تشكيل مجموعات الدعم الذاتي.
الجدير بالذكر أن سياسة حماية أصحاب الهمم من الإساءة ارتكزت إلى مجموعة مبادئ عامة، وهي: أن يتم تيسير وصول أصحاب الهمم إلى المعلومات ذات العلاقة بحقوقهم الإنسانية المتأصلة بالطرق التي تتناسب مع قدراتهم، ويتم دعمهم لممارسة هذه الحقوق. وأن للأشخاص أصحاب الهمم الحق في المشاركة والمساهمة في الحياة الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية للمجتمع على قدم المساواة مع الآخرين، والحق في العيش في مأمن من الإساءة والإهمال والتخويف والاستغلال، وفي أن يُحترموا من حيث قيمتهم وكرامتهم وفرديتهم وخصوصيتهم، والحق في تحقيق إمكاناتهم في التنمية الفكرية والجسدية والاجتماعية والعاطفية والروحية، وتلبية احتياجاتهم الجنسية بطرق شرعية.
كما أقرت السياسة حق أصحاب الهمم في الحصول على المساعدة والدعم المناسبين لتمكينهم من تنمية قدراتهم في ممارسة الاختيار والتحكم وتحقيق إمكاناتهم، والحق في متابعة أي شكوى مع مقدمي خدمات الإعاقة، دون خوف من التوقف عن تقديم الخدمات، أو الاتهام المضاد، أو العقاب من قبل مقدمي خدمات الإعاقة، وأن يتمتع أصحاب الهمم بالقدرة على تحديد مصالحهم الفُضلى، بما في ذلك الحق في ممارسة الاختيار عن معرفة، والقيام بالمخاطرة المحسوبة، ويتم احترام التنوع الثقافي واللغوي للأشخاص أصحاب الهمم، ويتلقى أصحاب الهمم خدمات ذات معايير جودة عالية، ويتم التدخل في حياة أصحاب الهمم بأقل قدر ممكن، وفق أقل التعديات على الحقوق، وأخيراً أن تستند الخدمات والدعم إلى أفضل الممارسات القائمة على الأدلة مع التأكيد الشديد على النهج المتمركز حول الشخص.
خديجة الشامسي
Advertisement